تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
321054 مشاهدة print word pdf
line-top
شروط الوضوء

قوله: [وشروطه ثمانية: انقطاع ما يوجبه[ قبل ابتدائه ليصح.
[والنية] لحديث إنما الأعمال بالنيات .


الشرح: بعد أن فرغ المؤلف من ذكر فروض الوضوء شرع في ذكر شروطه، والشرط لغة هو العلامة، قال تعالى عن يوم القيامة: فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا أي علاماتها، واصطلاحا: ما لجزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.
وأول هذه الشروط (انقطاع ما يوجبه) أي يوجب الوضوء، وهو انقطاع البول والغائط وغيرهما عن نواقض الوضوء كالقيء مثلا، فلا يبتدئ الإنسان وضوءه إلا بعد انقطاع موجبات الوضوء وبعد التنظف منها.
الشرط الثاني من شروط الوضوء النية، وهي عزم القلب على فعل الشيء، وهي ملازمة لكل من يفعل فعلا فالإنسان إذا فعل أمرا فلا بد أن يكون قد نوى شيئا، فليست النية هي تحريك اللسان- كما سيأتي- بل هي العزم على الوضوء، ولو لم يستحضرها من حين يبتدئ وضوءه إلى حين ينتهي.
والنية شرط للطهارة كلها- أي الطهارة الصغرى والكبرى- ولا بد أن ينوي جميع الطهارة، أي لا يكفي أن ينوي بعض الطهارة، مثلا: نوى بوضوئه رفع الحدث وعندما أراد غسل رجليه نوى تنظيفهما لا رفع الحدث ففي هذه الحال لا تجزئه طهارته؛ لأنه نوى بعضها لغير رفع الحدث، وهكذا لو قطع النية في بداية الطهارة ما صحت طهارته.
والنية تجب عند أول واجبات الطهارة وهي التسمية- كما سبق- ومعناها تحريك القلب بالنية لا التلفظ بها، وهي- كما علمنا- ملازمة للإنسان من حين توجهه للوضوء، فإنك لو سألته: إلى أين أنت ذاهب؟ لقال لك: لأتوضأ.
وقد توسع الفقهاء في النية وفرعوا عليها كثيرا من التفريعات وكل هذا تطويل لا حاجة له، والأحاديث النبوية لم تأت بكل هذا؛ لأن النية ملازمة للعبد عند شروعه في الأفعال على اختلاف أنواعها، فالمطلوب تصحيح النية وإخلاصها لله، وهو معنى قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ أما هذه التفريعات الكثيرة التي تجدها في كتب الفقهاء- فهي مما لا دليل عليه، لاسيما قول علماء الشافعية المتأخرين بأنه يلزم التلفظ بالنية، فإن هذا مما ابتدعوه دون دليل عليه. قال ابن القيم - رحمه الله- (النية هي القصد والعزم على فعل الشيء ومحلها القلب لا تعلق لها باللسان أصلا؛ ولذلك لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه في النية لفظ بحال، ولا سمعنا عنهم ذكر ذلك) .

line-bottom